|
الفهرسالمولد والنشأة ولد سنة1820 في قرية بجبال القوقاز وكل ما يعرفه عن نفسه أنه عبد مملوك ينتمي إلى قبيلة أباظه ببلاد الشركس بالجنوب الغربي من جبال القوقاز وأن
والده الحربية. اتضحت خصاله الحربية جلية وفاز بالمراتب العسكرية عن جدارة فولاه أحمد باي أميرا للواء الخيالة سنة 1849 توفي في إحدى الوقائع العثمانية ضد روسيا، فأسر وهو طفل على اثر غارة، ثم بيع في سوق العبيد بإسطنبول، فتربى في بيت نقيب الأشراف تحسين بك، وانتهى به المطاف إلى قصر باي تونس عندما اشتراه رجال الباي من سيده، وجيء بخير الدين إلى تونس وهو في السابعة عشر من عمره سنة 1837،وأصبح مملوكا لأحمد باشا باي الذي قربه وحرص على تربيته وتعليمه. ولحدة ذهنه أقبل على تحصيل الفنون العسكرية والسياسية والتاريخ.عين مشرفاً على مكتب العلوم في سنة 1857 عين وزير للبحر فقام بالعديد من الإصلاحات من أهمها تحسين ميناء حلق الوادي وتنظيم إدارة الوزارة وإصلاح لباس الجيش البحري وضبط اتفاقيات وقوانين مع الأجانب لحفظ الأراضي التونسية.
كما قام بعدة إصلاحات، وقاوم الحكم الاستبدادي، وعمل على إقامة العدل، وساهم في وضع قوانين مجلس الشورى الذي أصبح رئيسا له سنة1861. وأمام ازدياد فساد الوضع السياسي في البلاد نتيجة سوء تصرف المسؤولين وسرقاتهم قدم خير الدين استقالته من جميع وظائفه سنة 1862، واستغرقت فترة انقطاعه سبع سنوات، من سنة 1862 إلى سنة 1869. انعزل فيها في بستانه يتأمل ويكتب.. وقد ترك لنا حصيلة تأملاته وأفكاره الإصلاحية في كتابه الشهير:
أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك وهو الكتاب الذي وصفه المستشرق الألماني والرحالة المعروف هاينريش فون مالتزان أثناء زيارة لتونس قائلاً أنه « أهمّ ما ألفّ في الشرق في عصرنا هذا »، وقد وصف خيرَ الدين بقوله: « أما خيرالدين فقد انتهج منهجاً مغايراً تماماً. إذ أنه تفادى اتخاذ وجهة النظر الأوروبية وتبنى منذ البداية التصوّر الإسلامي. ومن هذا المنظور الذي لا أمل بدونه أن يلقى المشروع لدى أبناء قومه المتمسكين بعقيدتهم أدنى صدى، وبالرجوع أولا إلى الماضي، تفحص خيرالدين المستوى الحضاري الرفيع والمكانة المرموقة الذين كانت بلاد الإسلام عليهما يوم كانت أوروبا لا تزال غارقة في ظلمات القرون الوسطى
وقد عزا خيرالدين الانحطاط الذي آلت إليه الحضارة الإسلامية خصوصاً إلى نظام الحكم المطلق الذي توخته الدول الإسلامية على الإجمال منذ القرون الوسطى معتبراً هذا النظام غريباً عن الإسلام في أصوله… إثر هذا يعكف المؤلف على تحليل الأسباب التي انجرت عنها في أوروبا نتائج مغايرة تماما وجعلت هذه القارة، وهي التي كانت تتخبط في الظلمات حين كانت حضارة الشرق في أوج الازدهار، تصبح اليوم مجموعة من الدول الأكثر تحضراً، في حين نرى الممالك الإسلامية تعاني الانحطاط ». تجدر الإشارة إلى أن مقدمة هذا الكتاب قد ترجمت إلى الفرنسية بعيد صدوره بوقت
قصير. على إثر وفاة علي بن غذاهم سنة 1864 كلفه محمد الصادق باي سنة 1869 برئاسة لجنةالكومسيونالمالي، ولنجاحه في هذه المهمة كلفه محمد الصادق باي سنة1871 بمهمة توثيق الصلة بين
تونس والدولة العثمانية، ثم عينه وزيرا أكبر في أكتوبر 1873 أمام اشتداد الوشايات استقال خير الدين باشا من جميع وظائفه، ثم هاجر إلى تركيا في أوت سنة 1878 بأمر من حاكم البلاد محمد الصادق باي وذلك إرضاء للقناصل المعتمدين لديه وهناك ألح عليه السلطان العثماني عبد الحميد الثاني أن يتولى وزارة العدل لكنه رفض، ثم عاد وقبل الوزارة الكبرى وتوفي بتركيا يوم 7 جمادى الثانية 1307هـ الموافق ليوم 30 جانفي 1890. وفي مارس 1968 أوتي برفات خير الدين باشا إلى تونس، ودفن في حوالي عام 1971 على مشارف مقبرة الجلاز
سافر خير الدين التونسي إلى باريس سنة (1269هـ = 1853م) بتكليف من « أحمد الباي » لمقاضاة ملتزم الضرائب السابق « محمود بن عياد » الذي اختلس أموال الدولة، وفَرَّ بها إلى فرنسا، وحصل على الجنسية الفرنسية، وقد طالت إقامته هناك حتى بلغت أربع سنوات نجح في أثنائها في استعادة 24 مليون برنك وردها إلى خزانة الدولة، ثم رجع إلى تونس حين عُيِّن في (جمادى الأولى 1273هـ= يناير 1857م) وزيرًا للبحر لـ »محمد الباي » الذي خلف ابن عمه « الباي » السابق بعد وفاته في (16 رمضان 1271هـ = 31 مايو 1855م).
كان خير الدين محبًا للإصلاح مناصرًا له؛ فأيد « محمد الباي » حين أصدر « عهد الأمان » الذي ضمن لجميع سكان تونس المساواة في الحقوق، ووقف إلى جانب « الصادق باي » الذي خلف أخاه « محمد الباي » حين أصدر الدستور في (17 رجب 1277هـ = 29 يناير 1861م) وأنشئ بمقتضاه مجلس استشاري مك وَّن من ستين عضوًا، سُمي « المجلس الأكبر »، وعُيِّنَ « خير الدين » رئيسًا له. عين مشرفاً على مكتب العلوم الحربية. اتضحت خصاله الحربية جلية وفاز بالمراتب العسكرية عن جدارة فولاه أحمد باي أميرا للواء الخيالة سنة 1849. سافر خير الدين التونسي إلى باريس سنة (1269هـ = 1853م) بتكليف من « أحمد الباي » لمقاضاة ملتزم الضرائب السابق « محمود بن عياد » الذي اختلس أموال الدولة، وفَرَّ بها إلى فرنسا، وحصل على الجنسية الفرنسية، وقد طالت إقامته هناك حتى بلغت أربع سنوات نجح في أثنائها في استعادة 24 مليون برنك وردها إلى خزانة الدولة، وفي 1854 أرسله أحمد باشا باي إلى فرنسا لبيع مجوهرات لصرف ثمنها لإعانة الدولة العثمانية في حربها ضد روسيا. ، ثم رجع إلى تونس حين عُيِّن في كانون الثاني 1857م وزيرًا للبحرية في عهد محمد الباي (1855_1859)الذي خلف ابن عمه « الباي » السابق بعد وفاته . بعد انعم عليه برتبة فريق . وظل خيرالدين في هذا المنصب مدى سبع سنوات متواصلة من العام 1856 الى العام 1862 اجرى خلالها المزيد من الإصلاحات ، من أهمها تحسين ميناء حلق الوادي وتنظيم إدارة الوزارة وإصلاح لباس الجيش البحري وضبط اتفاقيات وقوانين مع الأجانب لحفظ الأراضي التونسية. كما قام بعدة إصلاحات، منها انشائه مصنعاً بخارياً لبناءالسفن واصلاحها ، وشق الطرق بحيث ربط بين سائر الجهات التونسية . الا ان الاهم من ذلك هو اتجاه خيرالدين الى التحديث ، والى الشروع ببناء الدولة المتطورة والمجتمع الراقي ، بعد ان شاهد ما وصلت اليه فرنسا من تمدن ورقي ، اذ مكث خيرالدين في باريس خمس سنوات متواصلة (1852_1856) عرف ما كان قد بلغه الفرنسيون من تقدم في سائر الاتجاهات
كان خير الدين محبًا للإصلاح مناصرًا له؛ فأيد « محمد الباي » حين أصدر « عهد الأمان » الذي ضمن
لجميع سكان تونس المساواة في الحقوق، ووقف إلى جانب « الصادق باي » الذي خلف أخاه « محمد الباي » حين أصدر الدستور في (17 رجب 1277هـ = 29 يناير 1861م) وساهم في وضع قوانين مجلس الشورى الذي أصبح رئيسا له سنة1861.وأنشئ بمقتضاه مجلس استشاري مكوَّن من ستين عضوًا، سُمي « المجلس الأكبر »، وعُيِّنَ « خير الدين » رئيسًا له نشب خلاف بين « خير الدين » وبين الوزير « مصطفى الخزندار » على الرغم من صلة النسب التي جمعت بينهما؛ فقد كان « خير الدين » زوجًا لابنة الوزير الكبير، وكان سبب الخلاف رفض « خير الدين » لممارسات الوزير المالية حول أمر الاستدانة من المُرَابين الأوروبيين، فآثر الاستقالة من منصبيه في آخر (جمادى الأولى 1279هـ =23 من نوفمبر 1862م).
لم تمنعه الاستقالة من القيام بالسفر إلى أوروبا وإستانبول، كما كان يحضر اجتماعات المجلس الخاص الذي كان « الباي » يستشيره في بعض الأمور، ثم عاش في شبه عزلة عن الحياة العامة في الفترة ما بين (1282هـ –1286هـ= 1865م –1869)، مبتعدًا عن السياسة ومنصرفًا إلى الدراسة والتأمل، وكان من أثر ذلك تأليفه كتابه « أقوم المسالك في معرفة الممالك »، وقد طبعه بالمطبعة الرسمية في تونس (1284هـ=1868م). ظل خيرالدين بعيدا من الحكم على مدى سبع سنوات متواصلة ، لم تمنعه الاستقالة من القيام بالسفر إلى أوروبا وإستانبول، كما كان يحضر اجتماعات المجلس الخاص الذي كان « الباي » يستشيره في بعض الأمور ،كما انه ظل على مقربة من القضايا الدقيقة التي لها علاقة بتونس وسياستها الخارجية وكان في خلال هذه المدة الطويلة قد اكتسب خبرة في السياسة الخارجية وفي الظروف الدولية القائمة آنذاك . وكان ذلك من جملة الأسباب حملت الباي على إرساله موفداً من قبله الى كل من فرنسا وانكلترا وألمانيا والنمسا وايطاليا وهولندا والسويد والدنمارك وبلجيكا . والى المهمات الخاصة التي اضطلع بها خيرالدين في كل ً من هذه البلدان ( ).عكف على دراسة أحوالها والتعرف الى نظمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وقد ادى عكوفة على دراسة ما هو قائم في الغرب الى تأليفه لكتاب هام عنوانه(( أقوم المسالك في معرفة أحول الممالك)) ( ).وتبرز في هذا الكتاب الذي سنعود اليه في المبحث الثالث من هذا البحث النزعة الخلدونية عند خير الدين التونسي (نسبة الى ابن خلدون ) حيث انه وضع مقدمة شرحت أوضاع المسلمين وحاجتهم الى الإصلاح واتبعها بـ(تاريخ) أسهب فيه شرحاً لأوضاع البلدان الأوربية ، وما هي عليه من تقدم ورقي .
كان من نتيجة انتهاج تونس لسياسة متخبطة أن تدهورت أحوالها المالية، وآلت إلى الإفلاس، وفرض الدائنون الأوروبيون سنة (1286 هـ= 1869م) لجنة مراقبة مالية، واختير « خير الدين » رئيسًا لها، ثم أُسند إليه منصب الوزير المباشر سنة (1288هـ=1871م)، وبعد عامين تولى منصب الوزير الأكبر خلفًا لمصطفى خزندار الذي ثبت اختلاسه لبعض الأموال الديون، وذلك في (شعبان 1290هـ= أكتوبر 1877م)، ودامت فترة وزارته الكبرى نحو أربعة أعوام، نهض خلالها بمسؤوليته، ونهض بالبلاد، وبعث فيها روحًا جديدة وثَّابة، وأصلح كثيرًا من شؤونها.
حين عين خيرالدين التونسي لمنصب الوزير الأكبر (رئيس الوزراء) في 1873 وحانت الفرصة لخيرالدين كي ينفذ منهاجه الذي ضبطه في كتابه (( أقوم المسالك)) وكي يفيد بلاده من تجربته التي اكتسبها في أوربا من خلال اطلاعه إلى وسائل التطور وأسباب الترقي فاقبل على إجراء الإصلاحات التنظيمية في مجالات السياسية والإدارة والاجتماع والقضاء والاقتصاد والثقافة والتعليم وفي ما يلي ذكر هذه المجالات بشيء من التفصيل..
الجانب الثقافي والتعليمي
هتم خير الدين التونسي بالجانب الثقافي والعليمي وذلك من خلال انشاء المدرسة الصادقية وتنظيم التعليم في جامع الزيتوني وانشاء المكتبة العبدلية فضلا عن تشجيع الطباعة والصحافة والنشر. الجانب الاقتصادي
قسم الأراضي الزراعية الى مناطق وتحرى في اختيار الأمناء والأعوان ، وشدد على معاقبة الجباة المختلسين. فألغى الضرائب السابقة التي تراكمت على الناس وصارت ديونًا تُثقل كاهلهم وخفض قيمة الضرائب وبطل الحملات العسكرية التي كانت تتوخى العنف في جمع الضرائب.مما احدث انتعاش ملحوظ اذ انه حض على استثمار الأرض ، وزرعها ، وغرسها بأنواع معينة من الأشجار المثمرة وخاصة النخيل والزيتون ، واصدر قانونا ينص على ان زراعة هذين النوعين معفاة من الضرائب على مدى عشرين عاماً . ومما يذكر في هذا المجال ان الأراضي المزروعة بلغت مساحتها يوم ترك خير الدين الحكم مليون هكتار( ). على حين كانت مساحتها عند تسلمه لا تتجاوز الستين الف هكتار اعادة تنظيم الضرائب على الاستيراد والتصدير وتحديد ضريبة الاستيراد بـ5% خمسةبالمئة فقط وتخفيف ضريبة التصدير. ورفع الوردات ، وانشاء المخافر لمنع التهريب الجانب الاجتماعي
تحديد الضريبة المفروضة على رؤوس المواطنين منعا لطمع وجشع الذين كان يترك لهم امر تحديد هذه الضريبة بطريقة تعسفية جاهرة ومتحيزة في اكثر الحالات .وألغى الحملات العسكرية التي كانت تتكلف أموالا باهظة لجمع الضرائب من القبائل الرُّحَّل التي اعتادت ألا تدفع الضرائب المفروضة عليها إلا عَنوة. الجانب الإداري
اهتم بالوظائف الحكومية فحدد مرتباتها ومرتبات القصرووضع الأسس السليمة لميزانية الدولة.على الطراز الحديث مخصصاً قسماً منه لرفع فوائض الديون والقسم الثاني لضروريات الحكومة( ).وضبط المكاتبات الدولية وإنشاء السجلات الخاصة بالصادرات والواردات ليسهل الرجوع إليها . نظم الأوقاف وكانت فوض البيع والشراء ( ).فأعاد للأوقاف العامة دورها الديني والاجتماعي، وأنشأ لهذا الغرض جمعية الأوقاف، يساعده مجلس خاص بتنظيمها وأسند رئاستها إلى « محمد بيرم الخامس ». كان من تصريف القدر أن زاد الخصب في العامين الأولين من وزارته، فساعد ذلك على ازدهار الزراعة والصناعة، والوفاء بالتزامات الديون؛ فعرفت تونس أعوامًا من الطمأنينة والهدوء. الجانب القضائي
كانت النواحي التشريعية والقضائية مضطربة في بسبب اختلاف مذهب رجال القضاء وترددهم في إحكامهم بين المذهبين المالكي والحنفي ، وكان الأجانب لا يخضعون لقانون البلد اذ ليس فيها قانون مضبوط لذلك عهد خير الدين التونسي الى جماعة من المختصين لدراسة القوانين المعمول بها في كل من الأستانة ومصر وفي أوربا بقصد استخراج قانون يتناسب وظروف القطر التونسي( ).على ان لا يتصادم والتشريع الإسلامي وعوائد البلاد ليحمى مصلحة السكان على اختلاف العناصر( ). الجانب السياسي
اما السياسة الخارجية التي اتبعها خير الدين التونسي فكانت قائمة على الحزم مع القناصل و الوضوح في ان واحد ، وكانت فرنسا تتحين الفرص لبسط نفوذها على تونس. وكانت ايطاليا تسارع الى مزاحمة فرنسا ، بالدسائس ، والإيعاز الى محرري الصحف لنشر أخبار في فائدتها. فكانت سياسة خيرالدين البحث عن سبيل النجاة من هذه وتلك ورأى لذلك توثيق الصلات مع الدولة العثمانية ، ونجح في إقناع اسطنبول بتوثيق صلاتها مع تونس ، واصدار فرمان يقرر ان تونس ولاية عثمانية على ان لحاكمها سيادة داخلية كره القناصل الدول الأجنبية لخيرالدين التونسي في تونس وذلك لسد أبواب تسرب نفوذهم الى البلاد وكان قنصل فرنسا اشدهم وأنشطهم في الدس لدى ، واشتدت الوشايات به الى الباي في نقد تحمسه لاعانة الدولة العثمانية في حربها مع روسيا، فأعرض عنه « الباي » بتأثير بعض المقربين له، فاضطُر « خير الدين » إلى تقديم استقالته في (10 رجب 1294 هـ = 21 يوليو 1877م). عاش في قصره بعيدًا عن المشاركة في الحياة العامة لم يمكث خير الدين كثيرًا في منصبه، على الرغم من ظهور ثمرات إصلاحه، فأعرض عنه « الباي » بتأثير بعض المقربين له، فاضطُر « خير الدين » إلى تقديم استقالته في (10 رجب 1294 هـ = 21 يوليو 1877م) وعاش في قصره بعيدًا عن المشاركة في الحياة العامة، ثم طلبه السلطان العثماني عبد الحميد الثاني للاستفادة من جهوده في الإصلاح، فسافر إلى إستانبول في (ذي القعدة 1295هـ= سبتمبر 1878م)، وأُسندت إليه رئاسة لجنة تقوم بمراجعة الوضع المالي للدولة العثمانية، ثم لم يلبث أن عيَّنه السلطان عبد الحميد الثاني « صدرًا أعظم » في (9 ذي الحجة 1295 هـ = 4 ديسمبر 1878م)، ولم تكن الظروف مواتية للعمل المثمر بعد أن تكالب الأعداء على الدولة، وخرجت من حربها مع روسيا تَئِنُّ من جراحها وهزائمها القاسية، فعمل « خير الدين » في ظروف بالغة الحرج، ونجح في أجلاء الجيوش الروسية، وساهم في خلع الخديوي إسماعيل من ولاية مصر؛ لأن سياسته كانت تؤدي إلى إضعاف ارتباط مصر بالدول العثمانية، وجعلها عرضة للمطامع الأوروبية، وكانت سياسة « خير الدين » التي آمن بها هي توطيد الروابط بين الدولة العثمانية وولاياتها، ولما أخفق « خير الدين » في إقناع السلطان عبد الحميد بإصلاح نظام الحكم قدم استقالته من منصبه في (8 شعبان 1296 هـ = 28 يوليو 1879م)، وبقي على اتصال ببلاط السلطان، وأصبح عضوًا في مجلس الأعيان حتى وافته منيته هناك في (8 جمادى الآخرة 1307 هـ = 30 يناير 1890م).
أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك
[pdf-embedder url= »https://apcpedagogie.com/wp-content/uploads/2016/03/aqwam_almasalek.pdf »] |